شاهدنا في الأسبوع السابق بيانات قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية، إذ ظهرت كلٌّ من بيانات التضخم -أو بالأحرى البيانات التي تُعدُّ مقياسًا لبيانات التضخم- فقد سجلت مؤشرات أسعار المستهلكين نموًّا بواقع 0.6% بارتفاع عن التوقعات السابقة، التي كانت تشير إلى 0.5% وهو الأعلى خلال الـ 6 أشهر السابقة. فيما سجلت مبيعات التجزئة نموًّا بمقدار 9.8 % بفارق كبير عن التوقعات السابقة للمبيعات التي كانت تشير إلى 5.8% وهو أيضًا الأعلى خلال الـ 9 أشهر السابقة، وفيما يبدو أن تأثير اللقاحات والدعم من البرامج التحفيزية بدأ يلقي بظلاله على ارتفاع الطلب، كما تنتظر الأسواق ارتفاعًا في التضخم قريبًا ربما يُصعب الأمر على الفيدرالي الأمريكي في مواصله عملية التحفيز والسياسة التسهيلية التي يقودها.
بالطبع لا يمكن القول إنها حالة من الركود، ولكن التخوف من آثار التضخم المفرط الذي ترتقبه الأسواق سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد، فقد كانت أعلى التوقعات لمعدل التضخم خلال عام 2023 تشير إلى 2.5% وهو الوقت الذي سنشهد –من المؤكد- قبله سياسة تشديديه.
أما عن الصين، فقد حقق ثاني أكبر اقتصاد في العالم معدل نمو بواقع 18.3 % على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي مقارنة بالعام السابق، وهو أعلى معدل نمو حققته الصين منذ 1992. الجدير بالذكر أن معدل النمو بالفعل قد حقق رقمًا قياسيًّا، لكن لا يمكن إغفال أن العام السابق في الفترة ذاتها شهدت الصين فترة كبرى من الإغلاقات أدت إلى توقف الجزء الأكبر من مظاهر الحياة تقريبًا.
إلا أن الأسواق اعتبرتها إحدى الإشارات على تعافي النمو العالمي، التي تتسق مع التوقعات –المجمع عليها- التي تشير إلى أننا سنشهد -خلال العام الحالي والقادم- أعلى معدل نمو يمكن أن يشهده العالم خلال العشرة أعوام المقبلة تقريبًا.
أما عن تداولات الدولار الأمريكي ومؤشر الدولار أندكس DXY، فقد شهد تراجعات عنيفة خلال الأسبوع السابق بعد أن فقد قمة مستويات الـ 93.5 ليتداول الآن أمام مستويات 91.5 التي تُمثِّل مستويات دعم مهمة للدولار الأمريكي، وفي حال التداول أسفل تلك المستويات فمن المستهدف في التداولات القادمة أن نشهد مستويات الـ 90.5 وهو ما يعني المزيد من نزيف تداولات الدولار الأمريكي بما يقرب من الـ 1% تقريبًا.
كنا قد ذكرنا البيانات الإيجابية التي حققها الدولار الأمريكي، ولكن للتوضيح ليست تلك الإيجابية التي يبحث عنها الدولار كعملة، بل يبحث عن علامات تحسن في الاقتصاد، أما عن الدولار فقد أثَّر تراجع العائد على السندات الأمريكية إلى مستويات 1.56 متراجعًا من أعلى 1.74 بعد أن كانت إشارة "باول" لاستمرار السياسة التسهيلية لفترة أكبر من الوقت ولن يندفع الفيدرالي إلى تشديد مفاجئ.